د. سالم أحمد بخيت صفرار
ها هو الكيان الصهيوني الإسرائيلي يُعربد بلا رادع ولا خوف؛ وكما يُقال من أمِن العقوبة أساء الأدب، وهنا نسأل كيف يرتدع ويهاب هذا الكيان الصهيوني المسمى إسرائيل إذا لم يكن هناك موقف عربي موحد يُشعره أنَّ هناك دولًا وهناك من يوقفه عند حده.
لقد ارتكبت إسرائيل الصهيونية المجازر والتي ستكون أسوأ مرحلة تمر على الأمة الإسلامية يُسجلها التاريخ، وهي ما قام به هذا الكيان في غزة من كل أصناف الإجرام من قتل وتجويع وترويع وارتكاب المجازر تلو الأخرى، ولم يعد يأبه فهو يعلم أنَّه فوق القانون ولا يجرؤ أياً كان على معاقبة الكيان الصهيوني ما دامت أمريكا هي الغطاء والحماية.
أن تقوم إسرائيل باستهداف قادة حماس في الدوحة وهي دولة ذات سيادة وحدود؛ فهذا يخالف كل الأعراف والقوانين الدولية وهذا انتهاك لسيادة دولة وعدوان وغدر، وهذا ليس بالأمر الجديد على هذا الكيان المكون من عصابات إجرامية نشأت على القتل والإجرام. ومن يعتقد أن هذا انتهاك لسيادة قطر فقط؛ فهو واهِم لأن ذلك هو انتهاك لسيادة جميع الدول العربية وكما هو الحال في الدول الأخرى التي تنتهك إسرائيل مجالها، وسيادتها كاليمن، وسوريا، ولبنان. لقد تعوَّد هذا الكيان على استباحة وانتهاك الأرض والقتل والترويع دون أن يأبه لأي رادع؛ فهو مستقوٍ بالولايات المتحدة الأمريكية، والأخيرة متواطئة ومشاركة معه في كل ما يقوم به فكل الأسلحة التي يمتلكها الكيان الصهيوني هي أمريكية. ومن جانب آخر لا يمكن الاقتناع بأن أمريكا ليست على علم ودراية بنية إسرائيل قصف مقر إقامة قادة حماس في الدوحة فلن تقوم إسرائيل بهذا العمل من دون علم وغطاء لوجستي أمريكي.
لقد أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو بكل وقاحة أن إسرائيل هي التي قامت بهذه العملية وهي مسؤولة عنها وتتحمل كافة المسؤولية، وذلك لإبعاد الإحراج عن أمريكا، ولكن ذلك ليس كافيًا ولا يعفي أمريكا من الإحراج، كما إن تصريح الرئيس الأمريكي ترامب لا يحمل دلالات الإقناع بأن ذلك لن يحدث مجددًا لقطر فلا يمكن الاقتناع بأن أمريكا ليست على دراية وعلم بالهجوم الذي استهدف قادة حماس في الدوحة.
لقد فشلت العملية في تحقيق الهدف منها وهو اغتيال قادة حماس وفشل نتنياهو مره أخرى؛ الأمر الذي جعل هذا الكيان المعروف بإسرائيل في حرج عالمي وعزلة، وبات كل العالم يعلم حقيقته ووجهه الحقيقي، وهذا الفشل وهذا الغباء يضاف إلى قائمة القرارات الغبية والفاشلة التي قام بها نتن ياهو في محاولته للهرب من الفشل وما ينتظره من محاكمات في قضايا الفساد ومسؤوليته عن عمليات فشل متتالية يقضي على مستقبله السياسي ومآله في نهاية المطاف إلى السجن.
من خلال هذا الهجوم السافر على قادة حماس في الدوحة يتبين بما لا يترك مجالا للشك أنَّه لا توجد هناك جدية للتفاوض لدى الكيان الصهيوني وهنا يتضح الكذب والتدليس الذي يُمارسه رئيس هذا الكيان نتن ياهو فهو معروف عنه الكذب والخيانة حتى في أوساط القيادات الإسرائيلية فهناك من القيادات السياسية الإسرائيلية الذين أعلنوا صراحة عدم ثقتهم برئيس الكيان الصهيوني نتنياهو وهنا تتجلى الحقيقة للعالم أجمع الوجه الإجرامي لهذا الكيان وتتبين أهداف ومآرب وأطماع نتنياهو التوسعية وليس لديه هاجس سوى إطالة أمد الحرب في غزة وجر الصراع إلى صراع إقليمي في المنطقة بما يهدد الأمن والاستقرار، ومن جانب آخر يظهر الغباء السياسي لهذه الإدارة المتطرفة حينما تسعى لاغتيال المفاوضين عبر آلية العصابات الإجرامية.
إذن على ماذا تتفاوضون ومع من تتفاوضون حينما يتم اغتيال الجهة التي تتفاوضون معها؟
لقد بذلت قطر جهودًا كبيرة في المفاوضات بلا كلل ولا ملل في محاولة إنهاء الصراع وإحلال الاستقرار والسلام وإنهاء معاناة الفلسطينيين، ولكن يتم الآن بكل وقاحة اتهامها من هذا الكيان بأنها راعية للإرهاب وليست الوسيط النزيه؛ فيا للوقاحة من هذا الكيان وكأنهم هم النزيهون الذين لديهم القيم والمبادئ الحسنة.
إن هذا العدوان السافر على قطر وعلى سيادتها هو بلا شك سابقة خطيرة؛ فاليوم قطر وغدًا لا نعلم من تكون الأخرى المستهدفةّ فكل الدول أعداء في نظر هذا الكيان المجرم، وهذا يعطي الكثير من التساؤلات حول هذا الكيان وحول التطبيع وإعادة تقييم هذه المعطيات فهذا الكيان مهما بلغ فقد اظهر النوايا الخبيثة والتطلعات التي يسعى لها، إن هذا الحدث لا بُد أن يكون معيارًا للتقييم حول قدرات دول المنطقة واستعداداتها للدفاع عن نفسها وعن أي دولة ضد أي عدوان وانتهاك كما أن هذه القواعد الأجنبية ما جدوى وجودها إذا لم يكن لها دور في الدفاع عن البلدان التي تتواجد فيها، فهل يعني ذلك أنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل تختلف كل المكنونات وكل النواميس وتكون إسرائيل فوق القانون؟!